تخفيض التكاليف القضائية في حال الصلح وردها
للحديث عن قيمة التكاليف القضائية في حال الصلح. وجب الاشارة أولا إلى أنه يقصد بمفهوم تكاليف التقاضي في النظام السعودي. المبالغ المالية التي تدفع مقابل تقديم دعوى قضائية معينة. أو تقديم طلب قضائي معين. ولا يقصد بها مصروفات الدعوى التي يلتزم بها الشخص أثناء السير في دعواه. وتسمى في القوانين المقارنة بالرسوم القضائية.
وتفرض هذه الرسوم على دعاوى وطلبات محددة لا يقاس عليها كالدعاوى المالية وطلبات الاستئناف والنقض والتماس إعادة النظر . ولا تفرض على الدعاوى والطلبات خاصة محددة كقضايا الأحوال الشخصية ودعاوى العمال والجزائية العامة. ويعفى منها أشخاص معينون كالحكومة والسجناء والعمال.
حالات الاعفاء
وعادة ما تلجأ القوانين إلى تنظيم الإعفاء. وتأجيل الرسوم لضمان حق التقاضي لجميع أفراد المجتمع. سواء القادرين على تحمل الرسوم وغير القادرين على حد سواء. وليس هذا فحسب. ولكن. يجب أن تنظم الرسوم القضائية. بصورة لا تتعارض وسرعة حل النزاع بين الأطراف من دون اللجوء إلى المحاكم. لذلك تلجأ بعض القوانين إلى تنظيم استرجاع الرسوم. في حالة الوصول إلى التسوية الودية قبل التاريخ المحدد للجلسة الأولى بعد دفع الرسوم. ومن هذا المبدأ والمنطلق فقد أعفى المنظم السعودي عددا من الفئات من دفع تكاليف التقاضي. إما لضعفهم المادي المفترض أو لإعتبارات أسرية …
ومن بين حالات الاعفاء أو خفض تكاليف التقاضي عند قيام المصالحة بين المتقاضين. ذلك أن الهدف من فرض الرسوم القضائية الحد من الدعوى الكيدية أو الصورية. ولتوجيه المتقاضين إلى إتخاذ طريق الصلح. لإنهاء نزاعاتهم وغير ذلك من الأهداف. حيث تكون كلفة التقاضي. أقل بكثير من تلك التي تترتب عن الاستمرار في الدعوى القضائية. مما يجعل التصالح خياراً مفضلاً للأطراف المتنازعة.
التكاليف القضائية في حال الصلح
لقد أجاز الله للأفراد إنهاء خلافاتهم ونزاعاهتم عن طريق المصالحة. الذى حث عليه الشرع الحكيم في عدة آيات من الكتاب الحكيم. حيث قال الله عزوجل: “وَالصُّلْحُ خَيْرٌ”َ سورة النساء، الآية 128. كما قال الله عزجل. ” لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ”. سورة النساء 118. وقد حثت السنة النبوية على المصالحة. حيث روى عمرو بن عوف المزنى. رضى الله عنه،عن الرسول أنو قال: “الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالا، أو أحل حراما”.
لهذا ينص نظام التكاليف القضائية. على أن من أهداف النظام. توجيه المتقاضين إلى إتخاذ طريق الصلح لإنهاء نزاعاتهم. فهو وسيلة حل للنزاع بالتراضي بين الطرفين. والمصالحة من الطرق البديلة لفض المنازعات دون اللجوء إلى الحكم والمرافعة والدعوى وفي حالة تم حل النزاع دون اللجوء إلى القضاء. بمعنى آخر هو وسيلة من وسائل حل المنازعات بغير اللجوء إلى القضاء. وهو اتفاق يحسم به الطرفان المتنازعان نزاعا قائما أو يتوقيان به نزاعاً محتملاً بالتراضي. وذلك بنزول كلاً من الطرفين عن جزء من ادعائه. وإن الأطراف المتنازعة هي التي تفصل في أمرها دون تدخل شخص ثالث.
وقد أورد المشرع السعودي الصلح في أربع مواضيع اي أربع حالات. حيث أن هذا الأخير يغير قيمة الدعوى بالنسبة للأطراف المتصالحة.
اعفاء الدعاوى التي تنتهي قبل رفع الجلسة الأولى
يعفى من تكاليف التقاضي. الأطراف المتصالحة في حالة إذا كانت المصالحة قبل رفع الجلسة الأولى وقبل الحكم وتبعا لذلك فإن التكاليف القضائية في حال الصلح ترد هذه لمن دفعها بشرط أن يكون التصالح منهي للدعوى ويكون قبل انتهاء الجلسة الأولى ، مما يحدو بالخصوم اللجوء إليه في هذه الفترة القانونية حتى لاتفرض الكلفة القضائية على دعواهم.
الصلح بعد انتهاء الجلسة الأولى
في حالة إذا وقع الصلح المنهي للدعوى بعد انعقاد الجَلسة الأولى. وقبل صدور الحكم الابتدائي فيلتزم المتصالحون بدفع الثمن الخاص بالرسوم القضائية بالتساوي بينهم. مع الوضع في الاعتبار بأن التصالح الذي يتم بعد انعقاد الجَلسة الأولى. وقبل أصدار الحكم الابتدائي. تخفض فيه الثمن القضائية لتصل إلى الربع. ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك. أي أن يدفع أحدهما كامل التكاليف أو العكس أو الاتفاق على نسبة مخالفة، ويكون هذا الاتفاق ملزم لهما.
الصلح بعد الجلسة الثانية
إذا وقع الصلح بعد الجلسة الثانية أو الثالثة أي بخلاف الحالتين التي سبق الاشارة إليهما، أي أن التصالح وقع ولكن بشكل متأخر في الدعوى ولكن قبل الحكم في الدعوى، فإنه يتم دفع التكاليف كاملة وذلك بالتساوي فيما بين الطرفين ما لم يتم الاتفاق بينهما على خلاف ذلك.
الدعاوى التابعة للقضايا الجزائية
ينص نظام الاجراءات الجزائية على أنه يمكن للمجني عليه – أو مَنْ ينوب عنه – ولوارثه من بعده، حق رفع الدعوى الجزائية في جميع القضايا التي يتعلق بها حق خاص، ومباشرة هذه الدعوى أمام المحكمة المختصة. وعلى المحكمة في هذه الحال إبلاغ المدعي العام بالحضور. كما ينص أيضا على أنه يحق لمن لحقه ضرر من الجريمة – ولوارثه من بعده – أن يطالب بحقه الخاص أمام المحكمة المنظورة أمامها الدعوى الجزائية العامة في أي حال كانت عليها الدعوى، حتى لو لم يقبل طلبه أثناء التحقيق.
ولذلك فإنه يعفى الشخص من دفع التكاليف القضائية في حال الصلح في هذا النوع من أنواع الدعاوى. إذا انتهت بالتصالح بين الأطراف على أي حال كانت عليه الدعوى وفي أي وقت، سواء بعد الجلسة الأولى أو الثانية أو الثالثة.
خلاصة
يشجع النظام القضائي السعودي على التصالح كبديل للدعاوى القضائية التقليدية. حيث يعتبر خيارًا مفضلًا أفضل للأطراق المتنازعة في حالة توافقها على حل النزاع بصورة وديّة وخارج أروقة المحاكم. ويعود ذلك إلى عدة أسباب، منها أهمها توفير الوقت والجهد والمال اللازمة لإنهاء عملية الدعوى القضائية.
ولذلك. إذا كان التصالح في الدعوى قبل انعقاد الجَلسة الأولى. فلا تكاليف قضائية مستحقة في هذه الحالة. وعليه فالجلسة الأولى في الدعوى هي الفيصل. الذي يؤدي إما إلى إلغاء استحقاق الثمن القضائية كاملة. أو تخفيضها لتصل إلى الربع ودفعها بالتساوي بين المتصالحين. وذلك إذا كان الصلح بعد انعقاد الجَلسة الأولى، وقبل إصدار الحكم الابتدائي، في الدعوى، وهذا الجانب هو أحد الجوانب الإيجابية لهذا النظام، فهو يوجه ويشجع المتقاضيين على اللجوء إلى الطرق البديلة الرضائية الأخرى لتسوية المنازعات.